مع انتهاء فعاليات القمة العربية الثانية والعشرين بمدينة سرت الليبية سخرت تل أبيب من قرارتها حيال إسرائيل، ووصفت البيان الختامي بأنه هزيلاً ويعكس جيداً قوة الخلافات العربية ،ومدى الضعف الذي تعاني منه الدول العربية.
وفى معرض تحليله للقمة العربية الأخيرة قدم تسيفى مزائيل السفير الصهيوني السابق لدى القاهرة والخبير الاستراتيجي ورقة بحثية للمركز الأورشليمي للدراسات العامة والسياسية زعم فيها بأن الفشل كان يحيط بقمة سرت قبل بدايتها، وسط خلافات عربية كبيرة، وأنها عجزت عن اتخاذ قرارات قوية ضد "إسرائيل" خاصة وأنه كان من المتوقع منها اتخاذ قرارات فاعلة تضمن حماية المسجد الأقصى ومنع المخطط الصهيونية من تهويد القدس، خاصة فى ظل قيام "إسرائيل" بضم الحرم الإبراهيمي بالخليل لقائمة التراث اليهودي. وأضاف مزائيل بأن "إسرائيل" تشعر حالياً بارتياح بالغ نظراً لعدم مطالبة القمة العربية بضرورة عقد جلسة فى مجلس الأمن لمناقشة الانتهاكات الصهيونية فى القدس المحتلة
وأرجع السفير الصهيوني عجز القمة العربية فى اتخاذ قرارات قوية هو عدم حضور عدد كبير من القادة والزعماء العرب، لاسيما الرئيس المصري حسني مبارك، والعاهل السعودي الملك عبد الله الثاني ،مؤكداً أن أية قمة بدون هذين الزعيمين لا يتم اتخاذ أية قرارات عربية فاعلة.
وكشف مزائيل فى ورقته البحثية بعض الخلافات الحادة التى شهدتها قمة سرت، والتى تعكس مدى التشذرم والانشقاق العربي على حد زعمه، من بينها تهديدات رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس"أبو مازن" بترك فعاليات القمة العربية، بعد ما اعتبره اهانة الرئيس الليبي معمر القذافي له بعدم استقباله له فى المطار مثلما فعل مع باقي الزعماء العرب الذين شاركوا فى القمة، وهو ما تطلب جهود كبيرة لإقناع أبو مازن للمشاركة فى القمة.
وأضاف الخبير الصهيوني فى ورقته البحثية أن الخلافات العربية أعاقت القمة لاتخاذ أية قرارات مهمة بالنسبة للقضية الفلسطينية، حتى أن تعهد الزعماء العرب بالتبرع بنصف مليار دولار لدعم عروبة القدس، لم تظهر عليه ملامح الجدية، فلم يتم التوضيح أي من الدول العربية التى ستتبرع وكم ستكون القيمة التى سوف تتبرع بها كل دولة . مشيراً إلى أن القرار الوحيد الذى اتخذته القمة تجاه الفلسطينيين، إلى جانب الإدانات المعهودة لإسرائيل، هو عقد مؤتمر دولي يعقد تحت رعاية الجامعة العربية خلال العام الجاري لحماية القدس، لكنه شكك فى عقد مثل هذا المؤتمر بسبب تعاظم قوة الخلافات العربية، وأن القرار بعقده جاء من قبيل فعل أي شئ للفلسطينيين، بعد عجز العرب بالوقوف إلى جانبهم بشكل جاد.
كما أبرزالخبير الصهيوني فى ورقته البحثية مدى الخلافات والانقسامات العربية بشأن إيران، ودعوة الأمين العام للجامعة العربية للبدء فى حوار مع طهران بشأن برنامجها النووي، وتشكيل تكتل يضم الدول المجاورة للدول العربية ويضم ايرا وتركيا وأثيوبيا وتشاد، دون ضم اسرائيل لهذا التكتل. وهو ما تم رفضه بشكل قاطع من جانب مصر والسعودية اللتان وجهتا انتقادات حادة لموسى لتقديمه هذا الاقتراح. واضاف مزائيل أن موسى ربما يكون قد قدم هذا الاقتراح بضغط خاص من جانب القذافي الرئيس الحالي للقمة العربية، لكن تحويل هذا الاقتراح لجنة خاصة لمناقشته كان معناه رفضه تماماً.
وسخر الخبير الصهيوني من اقتراح الرئيس اليمني على عبد الله صالح بإقامة "الاتحاد العربي" بدلاً من الجامعة العربية لتكون مظلة جديدة للدول العربية، مشيراً إلى أن مثل هذه الاقتراحات تعكس مدى الانقسامات العربية،وأن الخلافات بين الدول العربية أعمق مما يتصور أحد، وأن الأنشطة والإجراءات العربية الفارغة من أي مضمون تعبر عن تدهور الوضع العربي، وليس ما يطلق عليه بـ"الوحدة العربية" على حد وصفه.
وفى ختام ورقته البحثية زعم الخبير الصهيوني أن قمة سرت الليبية كانت مرآة صادقة للتعبير عن وضع العالم العربي المنقسم،معدداً الانقسامات والخلافات بين دوله، وزعم أن دول الشمال الأفريقي العربية بعيدة للغاية عن الساحة الفلسطينية، وليس لديهم مصلحة لبذل جهود سياسية فى النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي، أو حتى تقديم مساهمات فاعلة للفلسطينيين. موضحاً بأن هذه الدول تعاني من نزاعات قوية فيما بينها، منوهاً للخلافات المغربية-الجزائرية،وصراع تلك الدول مع تنظيم القاعدة، إلى جانب المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التى تعاني منها تلك الدول.
كما أشار مزائيل إلى الخلافات المتزايدة بين الدول العربية المحيطة بإسرائيل، ونوه إلى الصدامات المتوقع حدوثها بين سوريا وحزب الله وحماس بتحريض من إيران من جانب ، مع كل من مصر والسعودية والأردن من جانب آخر، وهى الدول التى تسعى لوقف المد الشيعي الإيراني فى الوطن العربي.
وعن الوضع فى العراق، التى كانت أكبر عدو عربي لإسرائيل فى الماضي زعم الخبير الصهيوني أن الوضع فى العراق بات مثير للقلق أكثر من أي وقت مضى فرغم الانتخابات العراقية التى اجريت مؤخراً ، لكن شبح الحرب الأهلية لايزال يطارد العراق، خاصة فى ظل التدخل الإيراني، وأنشطة تنظيم القاعدة وفلول حزب البعث السابق داخل الأراضي العراقية.
ووما يعكس وجود مؤامرة صهيو فارسية أشار مزائيل فى ورقته البحثية إلى أن التغلغل الإيراني فى الدول العربية يجعلها تغض الطرف عما تفعله إسرائيل بالفلسطينيين، وأن الاهتمام العربي بإيران أبعاد أنظار الدول العربية عن إسرائيل.
وأنهى مزائيل ورقته البحثية بالقول أن هذه الخلافات جزء ضئيل من المشاكل التى يواجهها العرب، وأن الصراع ضد إسرائيل هو الذى كان يوحدهم ويجمع شملهم، لكن مواقف بعض الدول العربية المتشددة، مثل سوريا، أسهم فى زيادة الخلافات العربية وإبعاد أنظار العرب عن إسرائيل. وقال أن العرب لم يعد يملكون شيء سوى انتظار الرئيس الأمريكي باراك أوباما لكي يقوم بالمهمة مع إسرائيل بدلاً منهم.